جديدالمنتدى
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
حكم السحر
حكم الساحر: الساحر كافر؛ والدليل قوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ}، وجه الدلالة: أن الآية تدل على نفي الإيمان عن السحرة، قال ابن كثير: وقد استدل بقوله: {وَلَوْ أَنَّهُمْ ءَامَنُواْ واتَّقَوْا} من ذهب إلى تكفير الساحر، كما هو رواية عن الإمام أحمد بن حنبل وطائفة من السلف [33], وقال تعالى: {وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآَخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ} [البقرة: 102]، أي من استبدل بدينه السحر فماله من نصيب، قال الحسن: ليس له دين، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: (من تعلم شيئًا من السحر قليلا كان أو كثيرا كان آخر عهده من الله)، وهذا مرسل [34]. وقال تعالى: وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى} [طه: 69] وجه الدلالة: أن الله سبحانه وتعالى نفى الفلاح عن الساحر نفيًا عامًا حيث توجه وسلك، وذلك دليل كفره؛ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ عَقَدَ عُقْدَةً ثُمَّ نَفَثَ فِيهَا فَقَدْ سَحَرَ، وَمَنْ سَحَرَ فَقَدْ أَشْرَكَ، وَمَنْ تَعَلَّقَ شَيْئًا وُكِلَ إلَيْهِ». رواه النسائي. وعن عمران بن الحصين مرفوعًا: (ليس منا من تطير أو تطير له، أو تكهن أو تكهن له، أو سحر أو سحر له..) الشاهد قوله: (ليس منا من سحر) فدل على نفي الإيمان عن الساحر. قال الشافعي: إن اعتقد ما يوجب الكفر؛ مثل التقرب إلى الكواكب السبعة، وأنها تفعل ما يلتمس، أو اعتقد حِلَّ السحر، كَفَر؛ لأن القرآن نطق بتحريمه، وثبت بالنقل المتواتر والإجماع عليه، وإلا فسق ولم يكفر. عقوبة الساحر: حد الساحر القتل، وروي عن كثير من الصحابة ولم ينكر عليهم أحد ذلك فكان إجماعا سكوتيًّا. قال ابن المنذر: وإذا أقرّ الرجل أنه سحر بكلام يكون كفرًا وجب قتله إن لم يَتُب، وكذلك لو ثبتت به عليه بيّنة ووصفت البينة كلامًا يكون كفرًا. وإن كان الكلام الذي ذكر أنه سَحَرَ به ليس بكفر لم يجز قتله، فإن كان أحدث في المسحور جناية توجب القصاص اقتُصّ منه إن كان عَمَد ذلك؛ وإن كان مما لا قصاص فيه ففيه دِيَة ذلك [36]. عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ سَعْدِ بْنِ زُرَارَةَ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ حَفْصَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ قَتَلَتْ جَارِيَةً لَهَا سَحَرتها، وَقَدْ كَانَتْ دَبَّرَتْهَا، فَأَمَرَتْ بِهَا فَقُتِلَتْ، وروي عن جندب بن عبدالله عن النبي أنه قال: «حد الساحر ضربه بالسيف»، رواه الترمذي كما روى البخاري في التاريخ الكبير بسند صحيح عن أبي عثمان: (كان عند الوليد رجل يلعب، فذبح إنسانًا وأبان رأسه، فعجبنا، فأعاد رأسه، فجاء جندب الأزدي فقتله). فحد الساحر القتل؛ روي ذلك عن عمر، وعثمان بن عفان، وابن عمر، وحفصة وجندب بن عبدالله، وجندب بن كعب، وقيس بن سعد، وعمر بن عبد العزيز، وهو قول أبي حنيفة ومالك، ولم ير الشافعي عليه القتل بمجرد السحر، ووجه ذلك أن عائشة رضي الله عنها باعت مدبرة سحرتها، ولو وجب قتلها لما حل بيعها، ولأن النبي قال: «لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: كفر بعد إيمان، أو زنا بعد إحصان، أو قتل نفس بغير حق»، ولم يصدر منه أحد الثلاثة، فوجب أن لا يحل دمه [38]. فيجاب عنه: أن الأمة لم تصنع السحر، إنما ذهبت لساحر يصنع لها السحر، أو أنها قد تكون تابت بعدها, أو أن يكون سحرها من النوع الذي بالأدوية وخفة اليد والخداع، فلم يشمل كفرًا فلا تعتبر مرتدة لتقتل. وزاد أبو حنيفة فقال: وان قتل بسحره لم يقتل، إلا أن يتكرر ذلك منه. ودليلنا على أنه يقتل وإن لم يتكرر منه الفعل عموم الخبر في قوله: (حد الساحر ضربة بالسيف)، ولأن كل فعل أوجب القتل تكراره أوجب القتل عند ابتدائه [39]. هل يستتاب الساحر؟ عن مالك: الساحر كافر؛ يقتل بالسحر ولا يستتاب، بل يتحتم قتله كالزنديق. وللحنابلة فيه روايتان؛ إحداهما: لا يستتاب؛ لأن الصحابة لم يستتيبوهم، ولأن علم السحر لا يزول بالتوبة، والثانية: يستتاب؛ فإن تاب قبلت توبته وخلي سبيله؛ لأن ذنبه لا يزيد على الشرك، والمشرك يستتاب، وتقبل توبته، فكذلك الساحر. وعلمه بالسحر لا يمنع توبته؛ بدليل ساحر أهل الكتاب إذا أسلم، ولذلك صح إيمان سحرة فرعون وتوبتهم. [40]، ولأن في توبته منفعة للمسلمين؛ لأنه بعد التوبة هو عالم بالسحر يمكنه حله فكان في ذلك منفعة. [41]. وقد روى هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن امرأة جاءتها، فجعلت تبكي بكاء شديدًا، وقالت: يا أم المؤمنين، إن عجوزًا ذهبت بي إلى هاروت وماروت، ليعلماني السحر فقالا: اتقي الله ولا تكفري؛ فإنك على رأس أمرك، فقلت: علماني السحر، فقالا: اذهبي إلى ذلك التنور فبولي فيه، ففعلت، فرأيت كأن فارسًا مقنعًا في الحديد خرج مني حتى طار، فغاب في السماء، فرجعت إليهما فأخبرتهما، فقالا: ذلك إيمانك، فذكرت باقي القصة إلى أن قالت: والله يا أم المؤمنين، ما صنعت شيئًا غير هذا، ولا أصنعه أبدًا، فهل لي من توبة؟ قالت عائشة: ورأيتها تبكي بكاء شديدًا، فطافت في أصحاب رسول الله وهم متوافرون تسألهم هل لها من توبة؟ فما أفتاها أحد إلا أن ابن عباس قال لها: إن كان أحد من أبويك حيًا فبريه، وأكثري عن عمل البر ما استطعت. ويكفر بتعلم السحر، والعمل به؛ لقوله تعالى: {وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ} [البقرة: 102]، فدل هذا على أنه يكفر بتعلمه السحر. ما حكم إتيان الساحر؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من أتى عرافًا أو ساحرًا أو كاهنا يؤمن بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم)، وقال: (ليس منا من تطير أو تطير له، أو تكهن أو تكهن له، أو سحر أو سحر له). فهنا بين رسول الله كفر من أتى الساحر وطلب السحر عمومًا لأي غرض كان، "والكفر هنا ظاهره الكفر الحقيقي وهو الكفر الأكبر، وقيل الكفر المجازي وهو الكفر الأصغر، وقيل: من اعتقد أن العراف أو الساحر أو الكاهن يعرفان الغيب ويطلعان على الأسرار الإلهية كان كافرًا كفرًا أكبر؛ كمن اعتقد تأثير الكواكب، وإلا فلا [43]، وقيل: إنه كفر أصغر لا يخرج عن الملة، هذا المشهور عن الإمام أحمد. |
|
مواقع النشر (المفضلة) |
«
الموضوع السابق
|
الموضوع التالي
»
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
الساعة الآن 09:14 PM.