قصة قصيرة / السراب - الكاتبة عايشه عيسى الزعابي

عائشة عيسى الزعابي

السراب :

يبقي من الناس ذكراهم
وتبقي الذكري وان هم رحلوا

هي تجلس على كرسيها المتحرك بنعومة الأنثى, جميله هادئة تتميز بقلب رحيم وفكر ثاقب شعرها الطويل يلامس وجنتيها الملتهبتين خجلا, تبلغ من العمر 26 قد أنهت دراستها الثانوية والتحقت بإحدى الشركات الوظيفية.
وهو شاب في العقد الثالث من عمره موظف حكومي ومتزوج منذ أكثر من عشر سنوات , ولكن هذا الزواج تحول روتينا مملا قد سأمه وبدأت تتخلله المشاكل والفتور في هذه العلاقة الشرعية , لذا كان عليه أن يبحث له عن من تجدد له مشاعر الهوى وتزيل عنه ذلك الفتور في حياته , وأخيرا وجد ضالته بها حينما وقع اتصاله بالخطأ على هاتفها ومن ذلك كانت بداية علاقته بها , ومن ثم إدمان صوتها .
تتحدث إليه بشوق ولهفه من فقدانه كم من مرة أخبرته أنها لا تستطيع العيش بدونه ,وهو لا يقوى إن لا يسمع صوتها الهادئ الرصين .
كانا يتحدثان بمختلف المواضيع أحاديث مهذبة ,ولذلك احترمته واحترم شخصها وكان يبث لها ما تعتريه من هموم وهواجس وهي تلحقه بوابل من النصائح وما يجب عليه فعله.
شخصيتها تبلورت على أن تكون له المرشد الناصح , والأم الرءوم وفوق ذلك أحبته بكل ما تحمل من مشاعر نابضة .
وهل الحب خلق فقط لبشر دون بشر , انه قلبها يحق لها أن تحب من تشاء !
انه قلبها تستطيع أن تحوله لمن تشاء , فلماذا تخاف أن تخبره عن حقيقتها ؟
لم هي مترددة في عدم البوح له عن إعاقتها ؟ ترى لو علم بحالها هل يستطيع أن يتقبلها.
إنها حائرة كيف تتخذ قرارا وقلبها أصبح لا يهذي إلا به .
أواه لو تركها ما سيكون حالها ؟ هي تحتاجه كاحتياج الماء والهواء, وهو أيضا لا يستطيع الاستغناء عنها, يبثها مشاعره ويستشيرها في مشاكله.
علاقة بدأت تكبر وتزدهر لتجني ثمرها وها هو يريد أن يتزوجها, ويلح كي يراها وهي تتهرب منه وتماطل في المواجهة.
لقد أصبح هو يهدد علاقتهما بسبب إلحاحه لرؤيتها, هي لا تريد أن يعرف حالها تخاف من رفضه لها, لا أحد يعلم ما ذلك الشعور المؤلم حينما يرفضها ويخدش قلبها المرهف.....
حتى ذلك اليوم أخذت تفكر مليا في طلبه, وفي عرضه للزواج منها ترى هل يوافق أن يرتبط بفتاة لديها أعاقه حركية ؟ فلتجرب حضها ولتتوكل على خالقها .
هي : قررت أن أخبرك سرا ..
هو :كلي آذان صاغية
هي: هل تحبني بصدق ؟
هو: بشكل لا تتصوريه أبدا لذلك قررت الزواج منك فأنا لا أستطيع الاستغناء عنك لذلك أردتك أميرة في بيتي, تتربعين وسط فؤادي..
هي: لابد إذا أن اختبر حبك لي , لابد لي أن أخبرك حقيقتي .
هو: تفضلي أشعر بأن هناك أمرا هاما تودين إخباري به .
كان قلقا من نبرة صوتها وكأنها تريد أن تنهي علاقته بها لأنه متزوج وأهلها لن يوافقوا على تزويجها منه, الخوف يسيطر على انفعالاته وأنفاسه تسابق قلقه.
أواه لا يستطيع أن يتركها وقد باتت في مخيلته ليل نهار, لا يستطيع نسيانها وهي من تضمد جراحه وتكتم أسراره وتبعث في نفسه الشعور بالدفء والعاطفة التي حرم منها طويلا.
وانتظر حديثها طويلا .. أصبح الصمت هو السيد حتى أخذت تلفظ الحروف لفظا متقطعا.
هي: أريد إخبارك بأنني مريضة.
هو: سلامتك من الأمراض, ما الذي تشكين منه.
كان يضن إنها تتهرب منه ولا تريد الارتباط به لأنه متزوج بأخرى, فما الذي يدور في تفكيرها ؟
هو:هيا تحدثي قولي أي شيء.
هي: أنني فتاة قد ولدت ب إعاقة حركية ولا استطيع المشي على قدمي .
هو: ....... هذه من رب العالمين هل لي أن أراك .
هي: هل توافق بالارتباط من فتاة معاقة ؟
هو: قبل أن نتفاهم لابد لي أن أراك.
هي: حسنا نلتقي قريبا حدد المكان والزمان.
هو: غدا في مجمع تجاري عام نلتقي في مكان نتناول فيه القهوة وبعض الحلوى التقليدية فما رأيك ؟
هي: حسنا.
في اليوم التالي كان في زينته وقلبه يخفق مكذبا لحديثها بالأمس, إنها فقد تريد أن تختبره, تختبر حبه لها.. اجل هي تعلم أن عقلي يفكر بها, وقلبي لا يخفق إلا على صوتها.
تقدم إلى ذلك المكان الهادئ فجلس في إحدى الطاولات حتى سمع رنين هاتفه يعلن قدومها, اخبرها عن مكانه فما لبث أن وجدها
يا لها من مفاجأة .... ويا له من موقف !
ذهل بوجود فتاة على كرسي متحرك لم يرى عينيها الواسعتان وحمرة خدودها البراقه التي تفيض حياء , لم يرى معالم البراءة في محياها , لم يتمالك نفسه حتى غادر المكان بأكمله .
ولكم أن تتخيلون ردة فعلها............................................. .......................
كان يسير بلا هدى في سيارته لا يعلم أين ؟
يكلم نفسه هامسا إنها دعوات زوجتي المسكينة علي أن أتعلق بفتاة لا تمشي ...لا استطيع أن أرد على مكالماتها فلابد لي من تغيير رقمي حتى لا أحرج معها .
كانت في غرفتها المنظمة , ذات الألوان الهادئة على سريرها الأنيق تتقلب يمنة ويسرة تريد أن تطفئ لهيبا قد اشتعل بداخلها .
ليتها لم تعرفه .. ليتها لم تغامر بقلبها انه أغلى ما تملك.. لقد مزقه أربا وقطع كبريائها لقد أهانها في الصميم وقتل أحلامها.
ليتني أخبرته في بداية الأمر حتى لا أكون صريعة هذا الموقف, لقد أصابني في مقتل لم يراع عواطفي وحالتي, لم يرفق بي وبخاطري.
تبا لقلوبنا الضعيفة....تبا لها لم تضعنا في هذه الظروف المزعجة .. لماذا تخفق بحب وهمي؟
لن ادع قلبي يدمرني أبدا؟
لن أكون أسيرة لهواي ؟
لن يطيب لي نوم أو يهنا لي مأكل حتى أعالج آلامي بصبر وقوة .
أن لا اضعف.... كي أحيا يجب أن أضع قلبي في سجن كي لا يخونني مرة أخرى, نعم يجب نسيان الماضي والأمل في الأتي وأنا بأذن الله قوية وبعونه عزيزة لن تذلني يا قلبي من جديد فأنا قد فهمت لغة البشر, يريدونك كاملا....
ومن ينتقص ينتقص من قدره هذه قاعدتي أسير على طريقها من الآن فصاعدا .
لذا فأننا نجد بعض ذوات الإعاقة يتزوجن خارج محيط بيئتهن خاصة في دول الخليج لكونهن لا يجدون من يقبل بحالتهن .

أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع أرسل هذا الموضوع إلى صديق
انواع عرض الموضوع
العرض العادي الانتقال إلى العرض المتطور الانتقال إلى العرض الشجري

عائشة عيسى الزعابي عائشة عيسى اعلي الزعابي الدولة: الامارات - ابوظبي قوة السمعة: 10	قصة قصيرة / السراب - الكاتبة عايشه عيسى الزعابي السراب : يبقي من الناس ذكراهم وتبقي الذكري وان هم رحلوا هي تجلس على كرسيها المتحرك بنعومة الأنثى, جميله هادئة تتميز بقلب رحيم وفكر ثاقب شعرها الطويل يلامس وجنتيها الملتهبتين خجلا, تبلغ من العمر 26 قد أنهت دراستها الثانوية والتحقت بإحدى الشركات الوظيفية. وهو شاب في العقد الثالث من عمره موظف حكومي ومتزوج منذ أكثر من عشر سنوات , ولكن هذا الزواج تحول روتينا مملا قد سأمه وبدأت تتخلله المشاكل والفتور في هذه العلاقة الشرعية , لذا كان عليه أن يبحث له عن من تجدد له مشاعر الهوى وتزيل عنه ذلك الفتور في حياته , وأخيرا وجد ضالته بها حينما وقع اتصاله بالخطأ على هاتفها ومن ذلك كانت بداية علاقته بها , ومن ثم إدمان صوتها . تتحدث إليه بشوق ولهفه من فقدانه كم من مرة أخبرته أنها لا تستطيع العيش بدونه ,وهو لا يقوى إن لا يسمع صوتها الهادئ الرصين . كانا يتحدثان بمختلف المواضيع أحاديث مهذبة ,ولذلك احترمته واحترم شخصها وكان يبث لها ما تعتريه من هموم وهواجس وهي تلحقه بوابل من النصائح وما يجب عليه فعله. شخصيتها تبلورت على أن تكون له المرشد الناصح , والأم الرءوم وفوق ذلك أحبته بكل ما تحمل من مشاعر نابضة . وهل الحب خلق فقط لبشر دون بشر , انه قلبها يحق لها أن تحب من تشاء ! انه قلبها تستطيع أن تحوله لمن تشاء , فلماذا تخاف أن تخبره عن حقيقتها ؟ لم هي مترددة في عدم البوح له عن إعاقتها ؟ ترى لو علم بحالها هل يستطيع أن يتقبلها. إنها حائرة كيف تتخذ قرارا وقلبها أصبح لا يهذي إلا به . أواه لو تركها ما سيكون حالها ؟ هي تحتاجه كاحتياج الماء والهواء, وهو أيضا لا يستطيع الاستغناء عنها, يبثها مشاعره ويستشيرها في مشاكله. علاقة بدأت تكبر وتزدهر لتجني ثمرها وها هو يريد أن يتزوجها, ويلح كي يراها وهي تتهرب منه وتماطل في المواجهة. لقد أصبح هو يهدد علاقتهما بسبب إلحاحه لرؤيتها, هي لا تريد أن يعرف حالها تخاف من رفضه لها, لا أحد يعلم ما ذلك الشعور المؤلم حينما يرفضها ويخدش قلبها المرهف..... حتى ذلك اليوم أخذت تفكر مليا في طلبه, وفي عرضه للزواج منها ترى هل يوافق أن يرتبط بفتاة لديها أعاقه حركية ؟ فلتجرب حضها ولتتوكل على خالقها . هي : قررت أن أخبرك سرا .. هو :كلي آذان صاغية هي: هل تحبني بصدق ؟ هو: بشكل لا تتصوريه أبدا لذلك قررت الزواج منك فأنا لا أستطيع الاستغناء عنك لذلك أردتك أميرة في بيتي, تتربعين وسط فؤادي.. هي: لابد إذا أن اختبر حبك لي , لابد لي أن أخبرك حقيقتي . هو: تفضلي أشعر بأن هناك أمرا هاما تودين إخباري به . كان قلقا من نبرة صوتها وكأنها تريد أن تنهي علاقته بها لأنه متزوج وأهلها لن يوافقوا على تزويجها منه, الخوف يسيطر على انفعالاته وأنفاسه تسابق قلقه. أواه لا يستطيع أن يتركها وقد باتت في مخيلته ليل نهار, لا يستطيع نسيانها وهي من تضمد جراحه وتكتم أسراره وتبعث في نفسه الشعور بالدفء والعاطفة التي حرم منها طويلا. وانتظر حديثها طويلا .. أصبح الصمت هو السيد حتى أخذت تلفظ الحروف لفظا متقطعا. هي: أريد إخبارك بأنني مريضة. هو: سلامتك من الأمراض, ما الذي تشكين منه. كان يضن إنها تتهرب منه ولا تريد الارتباط به لأنه متزوج بأخرى, فما الذي يدور في تفكيرها ؟ هو:هيا تحدثي قولي أي شيء. هي: أنني فتاة قد ولدت ب إعاقة حركية ولا استطيع المشي على قدمي . هو: ....... هذه من رب العالمين هل لي أن أراك . هي: هل توافق بالارتباط من فتاة معاقة ؟ هو: قبل أن نتفاهم لابد لي أن أراك. هي: حسنا نلتقي قريبا حدد المكان والزمان. هو: غدا في مجمع تجاري عام نلتقي في مكان نتناول فيه القهوة وبعض الحلوى التقليدية فما رأيك ؟ هي: حسنا. في اليوم التالي كان في زينته وقلبه يخفق مكذبا لحديثها بالأمس, إنها فقد تريد أن تختبره, تختبر حبه لها.. اجل هي تعلم أن عقلي يفكر بها, وقلبي لا يخفق إلا على صوتها. تقدم إلى ذلك المكان الهادئ فجلس في إحدى الطاولات حتى سمع رنين هاتفه يعلن قدومها, اخبرها عن مكانه فما لبث أن وجدها يا لها من مفاجأة .... ويا له من موقف ! ذهل بوجود فتاة على كرسي متحرك لم يرى عينيها الواسعتان وحمرة خدودها البراقه التي تفيض حياء , لم يرى معالم البراءة في محياها , لم يتمالك نفسه حتى غادر المكان بأكمله . ولكم أن تتخيلون ردة فعلها............................................. ....................... كان يسير بلا هدى في سيارته لا يعلم أين ؟ يكلم نفسه هامسا إنها دعوات زوجتي المسكينة علي أن أتعلق بفتاة لا تمشي ...لا استطيع أن أرد على مكالماتها فلابد لي من تغيير رقمي حتى لا أحرج معها . كانت في غرفتها المنظمة , ذات الألوان الهادئة على سريرها الأنيق تتقلب يمنة ويسرة تريد أن تطفئ لهيبا قد اشتعل بداخلها . ليتها لم تعرفه .. ليتها لم تغامر بقلبها انه أغلى ما تملك.. لقد مزقه أربا وقطع كبريائها لقد أهانها في الصميم وقتل أحلامها. ليتني أخبرته في بداية الأمر حتى لا أكون صريعة هذا الموقف, لقد أصابني في مقتل لم يراع عواطفي وحالتي, لم يرفق بي وبخاطري. تبا لقلوبنا الضعيفة....تبا لها لم تضعنا في هذه الظروف المزعجة .. لماذا تخفق بحب وهمي؟ لن ادع قلبي يدمرني أبدا؟ لن أكون أسيرة لهواي ؟ لن يطيب لي نوم أو يهنا لي مأكل حتى أعالج آلامي بصبر وقوة . أن لا اضعف.... كي أحيا يجب أن أضع قلبي في سجن كي لا يخونني مرة أخرى, نعم يجب نسيان الماضي والأمل في الأتي وأنا بأذن الله قوية وبعونه عزيزة لن تذلني يا قلبي من جديد فأنا قد فهمت لغة البشر, يريدونك كاملا.... ومن ينتقص ينتقص من قدره هذه قاعدتي أسير على طريقها من الآن فصاعدا . لذا فأننا نجد بعض ذوات الإعاقة يتزوجن خارج محيط بيئتهن خاصة في دول الخليج لكونهن لا يجدون من يقبل بحالتهن .
	توقيع عائشة عيسى الزعابي اللهم اجعلني مصباحا ينير ظلمة التائهين وما توفيقي الا بالله