المنتدى 19 فبراير , 2016 عائشة عيسى الزعابي رسالة إلى بعض الرجال
في بدء الخليقة لما خلق الله آدم وحده أراد الله له زوجة تكون شريكة له تؤنس وحدته وتستمر معه لعمارة الحياة بكل يسر وسهولة، لذا خلقت زوجته من ضِلَعِه؛ كما جاء في الآية (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً) النساء: 1، وثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (استوصوا بالنساء فإن المرأة خُلِقَتْ من ضِلَعٍ، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه) ومنه يتضح أنه تعالى خلقها من ضلع آدم فهي قريبة من نفسه حبيبة إلى قلبه تقاربه وتماثله في الخلق والتكوين والتكليف والعبودية.
فلا فضل لأحد على آخر إلا بالتقوى والعمل الصالح لذا فإنهما مشتركان في الثواب أو العقاب عن أي فعل أو لفظ أو نية يصدر منهما. وأعجب لمن ينصب نفسه إلهاً يحاسبها ويعاقبها بالقسوة والضرب والاضطهاد لكونها أخطأت، تناسى أنها الأم التي ولدته أو الزوجة التي أحبته ووقفت بجانبه، أو الأخت التي تربت معه، أو الابنة التي ترعرعت في كنفه، لها ما له وعليها ما عليه من الواجبات والتكاليف، وحده الله تعالى هو من يعاقبها بما تنص عليه الشريعة.
لم تزل تلك النظرة الناقصة التي ينتقصها زمن الجاهلية للمرأة منذ بداية ولادتها، حتى إذا بشر بولادتها ظل وجهه مسوداً من الغيظ، فأقول لمن هم على شاكلته لم تتزوجونها؟ فلتتخيلوا الحياة بلا امرأة هل تستطيعون عيشاً بدونها! بالتأكيد لن تستمر الخليقة أبداً! منذ فترة قصيرة قرأت خبراً أن أحد الفنانين فسخ خطبته من إحدى الإعلاميات، وذلك بسبب عدم موافقتها على ترك وظيفتها.
ومنه أردت أن أكتب إلى الرجل، ولأولئك الذين يريدون المرأة تحت أرجلهم، لمن يريدونها أمة وهو السيد المطاع، للذي يكره أن تكون زوجته أعلى منصباً منه أو شهرة، للذي يقمع جهودها ونجاحها.
لم هذه النظرة السادية؟ ألم يخلقنا الله سواسية في العبادة، وفي العدل والحقوق والواجبات؟ إذاً فيحق لها أن تتعلم، ويحق لها أن تحقق النجاح وتعيشه، لكي تشعر بقيمة الفرح بعد الفوز، فلم تحرمها هذا الحق؟ ألأنك رجل بفطرتك المسيطرة أردت بسط نفوذك على من هي أضعف منك كي تمحو أثر شخصيتها مقابل أن ترتفع وحدك؟ هذه الغريزة الأنانية عند بعض الرجال أرجو أن تتلاشى، لكوننا وصلنا مرحلة متقدمة من الوعي والعلم والتعلم ومن الفهم. فمن قال إنني أرفض عمل زوجتي من باب الغيرة الشرعية التي تتعلق بالدين، فأقول له دعها تمارس نجاحها، وهي محتشمة باللبس الشرعي، متحلية بالوقار، ولا أعتقد أنها ستمتنع من ذلك لكونه تكليفاً من رب العالمين.
ولكن دعها تمارس حقوقها المتاحة من دون أن تفرض حصارك عليها.