جديدالمنتدى
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
الزواج والتعدد .. ما الغاية منهما ؟ سلطان بن عثمان البصيري ثبت في الصحيحين عن أنس بن مالك – رضي الله عنه – قال : جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي – صلى الله عليه وسلم – يسألون عن عبادة النبي – صلى الله عليه وسلم - ، فلما أُخبروا كأنهم تقالّوها ، فقالوا : وأين نحن من النبي – صلى الله عليه وسلم - ، قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، قال أحدهم : أما أنا فأصلي الليل أبدا ، وقال آخر : أنا أصوم الدهر ولا أفطر ، وقال آخر : وأنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبدا ، فجاء رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فقال : ( أنتم القوم الذين قلتم كذا وكذا ، أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له ، لكني أصوم وأفطر ، وأصلي وأرقد ، وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني ). فهذا الحديث من جملة الأخبار وصحيح الآثار التي جاءت بالحث على النكاح والترغيب فيه وبيان أنه من ســنة النبي – صلى الله عليه وسلم – ، بل جاء الخبر في القرآن الكريم أن ما من نبي إلا كان له أزواج وذرية ، ولذا نجد النبي – صلى الله عليه وسلم – توفي عن تسع زوجات ، وفي هذا الصدد نقل السفاريني – رحمه الله – أن لداود – عليه السلام – مائة امرأة ولولده ســليمان – عليه السلام – ألف امرأة. لكن هل غاية الزواج مجرّد اللذّة وقضاء الوطر ؟ أم للحصول على الولد ؟ أم ماذا عسى أن يكون ؟ .. لعلنا أخي القارئ الكريم بإلماحة يسـيرة في كتاب الله – تعالى – نجد الجـواب في قـوله : ( ومن آياته أن جعل لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون ). إذاً ليست الغاية مجرّد اللذّة وقضاء الوطر فحسب ولا الحصول على الولد فحسب بل كل ما يحصل به السكن بين الزوجين وحصول المودة والرحمة ، ولكن للأسف إذ أصبح كثير من الأزواج ليس لهم غاية من الزواج إلا مجرّد اللذّة وقضاء الوطر فحسـب أو الحصول على الولد فحسب ، ولهذا لم ينعموا مع زوجاتهم بالسكن والرحمة والمودة ، لا سيّما أولئك الذين لم يكتفوا بزوجة واحدة – والتعدد سنة متبعة – فمالوا مع غايتهم حيثما كانت. قد أباح الله تعالى للرجال تعدد الزوجات حيث قال الله تعالى في كتابه العزيز : ( وإن خفتم ألا تُقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا ) النساء/3 . فهذا نص في إباحة التعدد ، فللرجل في شريعة الإسلام أن يتزوج واحدة أو اثنتين أو ثلاثاً أو أربعاً ، ولا يجوز له الزيادة على الأربع ، وبهذا قال المفسرون والفقهاء ، وأجمع عليه المسلمون ولا خلاف فيه . وليُعلم أن التعدد له شروط : 1- العدل لقوله تعالى : ( فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة ) النساء/3 ، أفادت هذه الآية الكريمة أن العدل شرط لإباحة التعدد ، فإذا خاف الرجل من عدم العدل بين زوجاته إذا تزوج أكثر من واحدة ، كان محظوراً عليه الزواج بأكثر من واحدة . والمقصود بالعدل هنا التسوية بين زوجاته في النفقة والكسوة والمبيت ونحو ذلك من الأمور المادية مما يكون في مقدوره واستطاعته. وأما العدل في المحبة فغير مكلف بها ، ولا مطالب بها لأنه لا يستطيعها ، وهذا هو معنى قوله تعالى : ( ولن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم ) النساء/129 يعني في المحبة القلبية . 2- القدرة على الإنفاق على الزوجات : والدليل على هذا الشرط قوله تعالى : ( وليستعفف الذين لا يجدون نكاحاً حتى يغنيهم الله من فضله ) النور/33 . فقد أمر الله في هذه الآية الكريمة من يقدر على النكاح ولكنه لا يجده وتعذر عليه ، أن يستعفف ، ومن أسباب تعذر النكاح : أن لا يجد ما ينكح به من مهر ، ولا قدرة له على الإنفاق على زوجته ". المفصل في أحكام المرأة ج6 ص286 وقد ذهب جماعة من العلماء إلى أن التعدد أفضل من الاقتصار على زوجة واحدة . سئل الشيخ بن باز رحمه الله هل الأصل في الزواج التعدد أم الواحدة فأجاب : " الأصل في ذلك شرعية التعدد لمن استطاع ذلك ولم يخف الجور لما في ذلك من المصالح الكثيرة في عفة فرجه وعفة من يتزوجن والإحسان إليهن ، وتكثير النسل الذي به تكثر الأمة ، ويكثر من يعبد الله وحده . ويدل على ذلك قوله تعالى : ( وَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلا تَعُولُوا ) النساء/3 ، ولأنه صلى الله عليه وسلم تزوج أكثر من واحدة وقد قال الله سبحانه وتعالى : ( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ) الأحزاب/21 ، وقال صلى الله عليه وسلم لما قال بعض الصحابة : أما أنا فلا آكل اللحم وقال آخر : أما أنا فأصلي ولا أنام ، وقال آخر : أما أنا فأصوم ولا أفطر وقال آخر : أما أنا فلا أتزوج النساء ، فلما بلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم خطب الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : ( أَنْتُمْ الَّذِينَ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي ) وهذا اللفظ العظيم منه صلى الله عليه وسلم يعم الواحدة والعدد " . مجلة البلاغ العدد 1015 ، فتاوى علماء البلد الحرام ص 386 . ويراجع جواب سؤال رقم (14022 ) للأهمية . لقد أجحف كثير من المتعددين في الزواج اليوم حين فقدوا العدل الذي به ينالون الأجر وبفقده يحملون الوزر ، روى أبو داود عن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال : ( من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل ). فيالله كم من المسلمين اليوم ممن تساهلوا بأمر العدل بين الزوجات ! ألم يؤرق أولئك هذا الوعيد ؟ ألم يقض مـضـاجعهم ؟ ألم يأسـفوا عـلى الأجر الذي يفوتهم بالعـدل ؟ .. منابر من نور عن يمين الرحمن .. نعم ، قال المصطفى – صلى الله عليه وسلم – ( إن للمقسطين عند الله منابر من نور عن يمين الرحمن ، وكلتا يديه يمين ، الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا ) روا مسلم. وقد يسأل سائل فيقول : في أيّ شيء يكون العدل ؟ أهو في الحب وميل القلب ؟ أم ماذا ؟ فالجواب : أن العدل ليس في ذلك ، ليس في الحب وميل القلب لأن الإنسان لا يملك ذلك ، بل العدل فيما يملكه الإنسان ! نعم فيما يملكه من النفقة والسكنى والمبيت ، ولذا روت عائشة – رضي الله عنها – أن النبي – صلى الله عليه وسلم – كان يقسم ويعدل ، ويقول : ( اللهم هذا قسمي فيما أملك ، فلا تلمني فيما تملك ولا أملك – يعني القلب – ) رواه أصحاب السنن وصححه ابن حبان. ولله درّ الإمام ابن عبد القوي – رحمه الله – إذ قال في منظومته : وواحدة أدنى من العدل فاقتنع --- وإن شئت فابلغ أربعاً لا تُزَيّدِ لذا فليعلم أنه متى ما حصلت المودة والرحمة بين الزوجين حصلت السعادة بإذن الله فليست السعادة في زواج بواحدة أو أكثر. والله غالب على أمره ولكن اكثر الناس لا يعلمون . . |
|
مواقع النشر (المفضلة) |
«
الموضوع السابق
|
الموضوع التالي
»
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
الساعة الآن 04:18 PM.